انتهينا من تفنيد الشبهة الثالثة
والحمدلله والتي كانت حول التسليمة الواحدة في الصلاة وننتقل لتفنيد الشبهة
الرابعة والتي أثارها الحشوي المجسم وهو في ذلك يتبع سنن من كان قبله من الوهابية
أتباع الدولة الأموية وقد بينت أن هذا الحشوي قد كتب رسالته بصفته أنه إباضي متشكك
في مذهبه وهذه أساليب مكشوفة والحمدلله.
قال الحشوي:
قلتم - يا قومي -تحبون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
ثم في كتبنا البراءة من الصحابة عثمان وعلي ومعاوية وعمرو بن العاص وغيرهم وفي
المقابل تثنون على أهل النهروان الخوارج وتثنون على ابن ملجم قاتل أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب !... لماذا تخدعوني؟
والرد عليه:
لقد كثر التشنيع على الإباضية في قضية الصحابة من أناس
يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، فمنهم القائل :- إن الإباضية يكرهون الصحابة ، ومنهم
القائل يكفرون الصحابة إلى غير ذلك ويتخذون من فتنة الصحابة ذريعة للتشنيع وتشويه
صورة الحق ونشروا هذه الإشاعات في المحاضرات والمنتديات والتي تبع فيها الآخر ما
قاله الأول في هذه القضية، وفي كثير من القضايا من غير بحث عن الحقيقة أو تحرّ لها
{وستكتب شهادتهم ويسألون}.
ونبين لهذا المعترض أمرا مهما هو وغيره يجهله كثيرا وهو
أمر الصحبة والصحابة.
فالمصطلح الشائع عند كثير من الفقهاء والمحدثين
المتأخرين في كون الصحابي يطلق على كل من رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) أو لقيه
من المسلمين، مصطلح فيه من التجوز الشيء الكثير، وهذا التجوز كان له أثر سيئ على
قراءة المسلمين لتاريخ السيرة النبوية وتاريخ القرن الأول.
وسوء القراءة هذه كان لها أثر على الجانب الفقهي
والحديثي والأخلاقي عند المسلمين، فاختلطت أمور كثيرة في هذه الجوانب نتيجة تعميم
مصطلح (الصحبة)، مع التباين الكبير بين مصطلح الصحبة التي أثنى عليها القرآن
الكريم والسنة النبوية، وبين الصحبة العامة التي ليس فيها ثناء ولا مديح وإنما كان
إطلاقها لغوياً.
فالصحبة الشرعية لا يصح إطلاقها إلا في المهاجرين
والأنصار ومن في حكمهم من مواليهم وحلفائهم والمستضعفين ونحو ذلك، أما الأعراب
والطلقاء (مسلمو فتح مكة) والوفود وغيرهم، فليسوا صحابة من الناحية الشرعية وإن
كانوا صحابة من الناحية اللغوية، وعلى هذا فلم ترد في حقهم تلك الآيات الكريمة من
الثناء على من كانوا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) أو على المهاجرين والأنصار وما
أشبه ذلك كما سيأتي).
ولتحديد مفهوم الصحبة يجب علينا أن نفرق بين المصطلحات
الشرعية والمصطلحات العرفية والمصطلحات اللغوية ، إلا إذا تطابقت أو توافقت.
فاللغة أوسع دائرة لدخول المجاز والمشترك اللفظي فيها ثم
تأتي دائرة العرف إذ يشترط فيه إلى جانب الحقيقة اللغوية أن يضاف إليه عرف الناس
فما تعارف الناس عليه من قولهم: فلان صاحب فلان أو من أصحابه فهو صاحبٌ عرفاً
والعرف يتضمن الحقيقة اللغوية لا الشرعية، ثم أخص الدوائر هنا التعريف الشرعي؛
لأنه أكثر تحديداً، ولذلك فالشرع يحكم على العرف واللغة، والعرف لا يحكم إلا على
اللغة، واللغة لا تحكم على الشرع ولا على العرف وإنما فيها الحقيقة والمجاز.
الأصل أن الصحبة لغةً تعني الملازمة والمخالطة
والمعاشرة، ولكن قد تطلق الصحبة من حيث اللغة مجازاً على من لم يلازم، بل تطلق على
العدو والمقاتل والشاتم ونحو ذلك، وكل هذا جائز لغوياً، أما على سبيل المجاز أو
للتشابه في صفة ما أو للاشتراك في شيء ما فمفهوم الصحبة في اللغة مستويات أيضاً
أوسعها مجرد الاشتراك في صفة ما أو حالة ما أو ما يطلق عليه في التعبير الرياضي
(مجال العلاقة) ولو كانت العلاقة عداوة أو خصومة ولا ريب أن ألصق معاني الصحبة من
حيث اللغة هي الملازمة والمخالطة.
إذن فالأصل في اللغة أنه عندما تقول إن فلاناً صاحب
فلاناً؛ يعنى أنه لازمه ذات مرة، أو خالطه، أو عاشره، أو ماشاه أو نحو هذا، ولو
قدراً قليلاً من الصحبة، بخلاف العرف، إذ العرف لا يطلق الصحبة إلا على طول
الملازمة، بحيث يصح أن يقال فلان صاحب لفلان، فالعرف أخص من اللغة، ولا يدخل فيه
المجاز.
فاللغة تجيز اشتقاق (صاحب) من (صحب) ولو قليلاً أيضاً،
كما تجيز أيضاً إطلاق (صاحب) على من لم يصاحب مجازاً، ومن ذلك قوله (صلى الله عليه
وآله وسلم) لزوجاته: (أنتن صواحب يوسف) ، ويجوز لغة إطلاق الصاحب على من لا يتفق
اعتقاداً، (أو ملة) مع المصحوب، ومن ذلك قوله تعالى: (وما صاحبكم بمجنون) ،
فالخطاب هنا موجه للكفار، وقد جعل اللهُ النبيَّ صاحبهم، ويجوز لغة إطلاق صحبة
الحي للميت كقوله تعالى: (فأنجيناه وأصحاب السفينة) ، كذلك قوله تعالى: (..أصحاب
الرس) ، (أصحاب الأيكة..) كل هذا تحتمله اللغة.
لا زلنا مع الشبهة الرابعة والتي كانت تتحدث حول
الصحبة والصحابة وأن الإباضية يكرهون بعض الصحابة ويلعنونهم.
وقد تطرقت إلى شيء من بيان الصحبة في اللغة والشرع
ولا زلنا في نفس الموضوع ونزيد على ما ذكرناه سابقا ونقول:
كما يجوز لغة إطلاق صحبة الكافر للمؤمن والعكس كقوله
تعالى: (إذ قال لصاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك
رجلاً..) فهنا إضافة صحبة المؤمن إلى كافر، وعلى هذا فلا تفيد كلمة (صاحب) مدحا
كما يظن كثير من الناس كما لا تفيد ذما فهي كلمة محايدة وقد تكون الصحبة صحبة حسنة
وقد تكون صحبة سيئة.
وكذلك قوله تعالى: (... فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا
أكثر منك مالا وأعز نفراً) ، ويجوز لغة إطلاق الصاحب على العدو اللدود، كقوله:
(صلى الله عليه وآله وسلم): (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في
النار)، فلما سألوه: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: (إنه كان حريصا على قتل
صاحبه) .
فنلحظ أنه سمى المتقاتلين أصحاباً مع وصول الخلاف
إلى السيف والقتال، لكن اللغة تحتمل هذا للاشتراك في أمر ما، وعلى هذا فلا حجة لمن
اعتمد على مطلق اللغة في إثبات شرعية صحبة من لم يكن صاحبا صحبة شرعية!!..
ويجوز لغة إطلاق الصاحب على من لم يعرفه صاحبه،
كقوله في الحديث: (..إذا وجد أحدكم عصا صاحبه فليرددها عليه) .
وكذلك يجوز لغة أن تقول فلان حسن الصحبة، وفلان سيئ
الصحبة، فليست الصحبة مقصورة على المدح.
ويجوز لغة القول بصحبة المنافقين للنبي (صلى الله
عليه وآله وسلم)؛ كما جاء التصريح بذلك في قصة المنافق عبد الله بن أبى عندما طلب
بعض الصحابة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقتل عبد الله بن أبي، فلم
يقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذكر لهم السبب وهو: (حتى لا يتحدث الناس
أن محمدا يقتل أصحابه) . فعبد الله بن أبي من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم)، لكن صحبته ليست صحبة شرعية، وإنما صحبة مرجعها مطلق اللغة للاشتراك في مجرد
التصاحب، حتى لو لم يكن هناك إيمان واتباع، وهكذا فالصحبة من حيث اللغة واسعة
جداً، وللأسف أن اللغة عمدة من أثبت صحبة (كل من لقي النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم) أو رآه من المسلمين)!!.
ولكنهم تناقضوا فأخرجوا المنافقين والكفار من الصحبة
بالشرع لا باللغة فتأمل!!؟؛ مع أنه يجوز لغة أن أقول صحبت فلاناً الكافر من بلدة
كذا إلى بلدة كذا، وصحبت فلاناً المنافق وصحبت فلاناً اليهودي وهكذا، ولكن هؤلاء
أخرجوا صحبة الكافر والمنافق واليهود من صحبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؛
لأنهم يريدون الصحبة المستحقة للمدح (الصحبة الشرعية)، وإذا كان الشرع لا اللغة هو
الذي يحدد معنى الصحبة فماذا ننكر على الأصوليين (الفقهاء) إخراجهم صحبة المسلمين
بعد الحديبية بالشرع أيضاً، خصوصاً وأن أدلة هؤلاء الأصوليين أقوى وأصرح.
وإن كانوا محتجين باللغة فاللغة أيضاً تدخل الكفار
والمنافقين وغير المعاصرين في الصحبة، فتبين أن احتجاجهم باللغة فقط قد أوقعهم في
حرج شديد كما سبق من إدخال غير المسلمين في الصحبة فضلاً عن المتسمين بالإسلام،
فاللغة تحتمل كل هذا فيلزمهم -من حيث اللغة- إدخال هؤلاء في صحابة النبي (صلى الله
عليه وآله وسلم)، وهذا مما لا يقرون به، وإن قالوا لكننا نخرج المنافقين والكفار
بالشرع، قيل لهم النصوص الشرعية أيضاً تخرج الذين أسلموا بعد الحديبية من الصحبة
على الراجح وتخرج المسلمين بعد فتح مكة بأدلة أوضح وأصرح، فإما أن تحتجوا باللغة
مطلقاً في التعريف، أو تتركوا الاحتجاج بها عند معارضتها للنصوص الشرعية، إذن
فلستم معذورين في التعلق بمطلق اللغة، لكن النصوص الشرعية لا عذر لنا في ترك
الاحتجاج بها، ولو احتججنا باللغة دون الشرع لما وجبت علينا أركان الإسلام بعد
الشهادتين؛ لأنه بقليل من الدعاء يمكننا أن نقول إننا قد صلينا؛ لأن الصلاة في
اللغة تعني الدعاء!!؛ وهكذا الإيمان فإنه بقليل من التصديق نستطيع أن نقول: إننا
مؤمنون؛ لأن الإيمان لغة يعني التصديق!! والغريب أن السلفيين والحنابلة ينكرون على
الحنفية تعريفهم للإيمان بأنه التصديق!! وينكرون عليهم لأنهم في نظرهم أهملوا
النصوص الشرعية في بيان الإيمان ومعرفة حده، بينما يقعون هنا في الخطأ نفسه عندما
يعتمدون على مطلق اللغة في تعريف الصحبة وينسون الأدلة الشرعية المخصصة للصحبة.
إذن فالنصوص هي التي تحدد معنى الصحبة الشرعية، وليس
مجرد اللغة؛ لما سبق من المحاذير والاشكالات والالزامات المحرجة ومن أبرزها دخول
الكفار والمنافقين في جملة الصحابة إن اعتمدنا على اللغة وحدها في تعريف الصحابي
والصحبة.
إضافة إلى أنه من الناحية اللغوية نجد ألفاظ الاتفاق
والانقياد والحب والاحتذاء والاقتداء ونحوها أفضل دلالة من لفظ الصحبة لوضوح
دلالتها وتحديده بعكس لفظ (الصحبة) الواسع المعنى، أو القابل لتعدد المعاني
واختلافها.
نواصل الحديث في الرد على الشبهة الرابعة والتي
كانت حول الصحبة والصحابة.
ثانياً: مفهوم الصحبة في العرف.
مفهوم الصحبة في العرف – وهو ما تعارف الناس عليه -
أضيق من المفهوم اللغوي الواسع للصحبة.
ولو جئت لأي فرد من العوام فضلاً عن الخاصة وسألناه:
من هم أصحابك؟
فلن يسمي لنا كل من لقيه أو رآه ولكن سيذكر لنا بعض
الناس ممن يختص بمخالطته وصداقته ونحو ذلك، فهذا هو المفهوم العرفي للصحبة، فإذا
كانت اللغة تجيز اشتقاق اسم الفاعل (عادل) من الفعل (عدل) فإن العرف لا يطلق كلمة
(عادل) إلا على من غلب عليه العدل على أقل تقدير فالعرف يضيق ما قد توسعه اللغة أو
تحتمله.
ولعل أكثر الأصوليين (الفقهاء) كان تعريفهم للصحابي
والصحبة آخذاً في حسابه الجانب العرفي في تحديد هذا المفهوم بعكس كثير من المحدثين
الذين توسعوا في المصطلح استئناساً باللغة؛ ولأن وظيفتهم في نقل الأحاديث والأخبار
–من اتصال الأسانيد- حددت مصطلحهم في تعريف الصحابي.
وعلى هذا فلا يجوز عرفاً أن تقول: (فلان صاحب النبي
صلى الله عليه وسلم) أو فلان (من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) إلا إذا كان ذلك
الصاحب معروفاً بملازمة النبي صلى الله عليه وسلم ومخالطته مدة يصح بعدها هذا
الإطلاق.
والعرف لا يعتبر الصحبة المجردة عن الملازمة
والمخالطة الكفيلة بصحة الإطلاق.
وبما أن العرف يقضي على اللغة (أي يحكم عليها) فإن
حجة أهل الحديث تكون أضعف من حجة الأصوليين.
وقد نص ابن تيمية (728هـ): (أن القياس مذهب أحمد بن
حنبل وأصوله أن ما لم يقدره الشارع (القرآن الكريم أو السنة) فإنه يرجع فيه إلى
العرف).
والألفاظ التي يستخدمها المسلمون منها ما حدده العرف
كالبيع والنكاح ومنها ما حددته اللغة كالشمس والقمر ومنها ما حدده الشرع كالصلاة
والزكاة والإيمان...الخ.
والعرف المعتبر هو ما تساير مع النصوص وليس ما
صادمها.
إذن فالخلاصة هنا أن العرف لا يجيز لنا أن نطلق
الصحبة على من رأى النبي صلى الله عليه وسلم أو لقيه من المسلمين فقولنا: (فلان
صاحب النبي صلى الله عليه وسلم) يقتضي (عرفاً) طول ملازمة ومخالطة، إذن فلا يجوز
أن نحتج على العرف باللغة وإنما العكس هو الصحيح.
إن آراء السادة الإباضية ومواقفهم في أي مسألة من
مسائل الدين لا تبنى من قول فلان وفلان ولا تحركها الأهواء والأطماع ، إنما هي
مواقف ثابتة مستمدة من أصول الدين الحنيف ، وموقف السادة الإباضية من الصحابة
رضوان الله عليهم كغيره مستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية ، فهم يحترمون
الصحابة ويقدرونهم، ولو أن أحدا أنفق مثل أحد ذهبا لما ساوى مد أحدهم أو نصيفه كما
أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فلهم الفضل في السبق إلى الإسلام ولهم الفضل
بصحبة الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، ولهم الفضل في الدفاع عنه – صلى الله عليه وسلم
، ولهم الفضل في بذل أرواحهم لنشر الإسلام .فهم الحجّة والقدوة ونكنّ لهم الاحترام
والتقدير ، وندعو لهم بالرحمة والمغفرة وكتبنا شاهدة بذلك .
يقول الإمام نور الدين السالمي– رحمه الله – في أول
قصيدة غاية المراد في الاعتقاد:
ثم الصلاة علـى المختـار سيدنـا * ومن إلى قاب قوسين
دنا فعـلا
والآل والصحب ما كان الهدى علما * يهدي به الله
للخيرات من عقلا
ويقول في آخر القصيدة :
ثم الـصـلاة وتسـليم يقـارنـها * على الذي ختم
المولى به الرسلا
والآل والصحب ما لاحت فضائلهم * ومن لهم في سبيل
المكرمات تلا
ويقول الشيخ العلامة أبو مسلم البهلاني – رحمه الله - :
وآمنــت برسـول الله طـائفة * أعطاهم السبق فيه
سـابق القدر
زكى قلوبهم النور المبـين كمـا * يزكو النبات بما
يلقى من المطر
لاقى صدورهم الإيمان فانشرحت * له وقاموا به في عزم
منتصـر
نور بواطنهم نـور ظـواهـرهم * نور خلائقهم في الفعل
والخبر
تضائق الملأ الأعلـى مكانتهـم * في فطرة الله لا في
فطرة البشر
خير القرون قرن المصطفى وكذا * حكم القرينين لا ينفك
من أثـر
فمات عنهم رسـول الله عـدّتهم * كالأنبياء عدول
الحكم والسيـر
لا زلنا في الحديث عن الصحبة والصحابة وتفنيد ما
نسب إلى السادة الإباضية من سب وتكفير للصحابة وزيادة على ما قلناه سابقا نضيف
ونقول:
هنالك ثوابت جاء بها الإسلام يجب التقيّد بها والسير
عليها وعدم الزيغ عنها لأن أي خروج عنها يعني التخبّط والتخليط في المواقف إذا لم
تكن مبنية على قواعد متينة .
ومن هذه الثوابت أن لا عصمة إلا للأنبياء فقط ، وأما
الصحابة – رضوان الله عليهم – فإنا نشهد لهم بالخير جميعا وهم خير الناس بعد
الأنبياء ولكنهم كغيرهم من الناس معرّضون للخطأ وقد حدث ذلك عند بعضهم فلا مجاملة
في الدين ولا نصيب للعواطف الرعناء ولا نعتقد أن صحبتهم للنبي صلوات الله عليه وسلامه
تشفع لهم عند الله، وتعصمهم من الخطأ وهذا ما لا يجحده إلا مكابر جاهل بنصوص
الكتاب والسنة الصحيحة، وقد ضمت سورة التوبة وغيرها أوصافا كثيرة لمجموعة من
الصحابة فقد كان فيهم الصالح التقي وكان منهم المنافق والفاسق ومنهم من ارتد بعد
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
فمنهم من أنزل الله فيه قوله : "ومنهم من عاهد
الله لئن آتانا من فضله لنصدقن"،وقد ذكر منهم المرجفون والمنافقون في
المدينة، وذكر الذي فسق "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن
تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " الحجرات 6، ومنهم صاحب
الشملة التي أخذها قبل قسم الغنائم وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها ستشتعل
عليه نارا ، وغيرهم كثير .
وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر أهله
وقرابته من النار وأمرهم بالتزام العمل الصالح فكيف بغيرهم فنراه يقول: (يا فاطمة
بنت محمد يا صفية عمة محمد اعملا فإني لا أغني عنكما من الله شيئا) ويقول (من بطأ
به عمله لم يسرع به نسبه) ويقول الله تعالى:{فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم
يومئذ ولا يتساءلون}
يقول العلامة أبو مسلم البهلاني– رحمه الله –:
نادى العشيرة في رأس الصفا عـلنا * وصاح فيهم رسول
الله بالنـذر
فانظر إلى حكمة التخصيص كيف أتت * للأقربين من أهل
البدو والحضر
ليـعـلموا أنـه التكليـف لا نسـب * يغني ولا فيه دون
الله من وزر
لو كان بالشـرف التكلـيف مرتفعـا * إذن تعطل عدل
الله فـي الفطـر
السادة الإباضية يترضون على الصحابة أجمعين:
عندما كتب الشيخ علي يحيى معمر رحمه الله كلماته حول
موقف السادة الإباضية من عثمان وعلي إبتدأْ حديثه بالتعجب الشديد من الأمر ، كما
بدا أنه كان مدفوعاً لكتابة تلك الكلمات ، لأنه كان متيقناً أن السادة الإباضية
ليس لهم في شتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء ، فكانوا يحترمونهم
ويقدرونهم ولا يخوضون فيما شجر بينهم من الفتن . ولكن شبهة سب السادة الإباضية
للصحابة أصبحت منطلقاً للطعن في هذا المذهب الإسلامي المعتدل ، وأصبحت هذه الشبهة
تلاحق السادة الإباضية أينما ذهبوا . فسنحاول بإذن الله تعالى توضيح حقيقة موقف
السادة الإباضية من الصحابة - الذي حرص من روج شبهة سب السادة الإباضية للصحابة
على إخفائها ، في حين أنهم يستميتون في نشر ما يقولون أنها نصوص دامغة ومن كتب
السادة الإباضية في سبهم للصحابة ، وسنبين ذلك خلال حديثنا هذا.
وبما أننا نريد أن نبين بطلان ما نسب إلى السادة
الإباضية من أنهم يسبون الصحابة ويلعنوهم ويكفروهم ويبغضوهم !! فإني سأعتمد على
نقل نصوص علماء السادة الإباضية الدالة على خلاف ذلك ، والمبينة لحبهم للصحابة
والترضي عليهم والتوقف عن الخوض فيما شجر بينهم من الفتن ، وبعد ذلك سنمر على ما
أُخِذَ على بعض علماء السادة الإباضية من حديثهم في الصحابة ونبين موقفنا منها ثم
سنعرج إلى الموقف الرسمي المعتبر لعموم المذهب وهو ما عليه أصحابنا اليوم .
وبما أننا نريد أن نبين بطلان ما نسب إلى السادة
الإباضية من أنهم يسبون الصحابة ويلعنوهم ويكفروهم ويبغضوهم !! فإني سأعتمد على
نقل نصوص علماء السادة الإباضية الدالة على خلاف ذلك ، والمبينة لحبهم للصحابة
والترضي عليهم والتوقف عن الخوض فيما شجر بينهم من الفتن ، وبعد ذلك سنمر على ما
أُخِذَ على بعض علماء السادة الإباضية من حديثهم في الصحابة ونبين موقفنا منها ثم
سنعرج إلى الموقف الرسمي المعتبر لعموم المذهب وهو ما عليه أصحابنا اليوم .
- الصحابة من أعدل الناس
*جاء في رسالة لأبي المهدي عيسى بن إسماعيل شيخ العزابة في حينه
يرد فيها باسم عزابة بني مصعب على بن أبي الحن البهلولي، ما يلي :
( نبدأ بمسألة الصحابة رضوان الله عليهم، وذلك قولك بلغك عنكم
أنكم تبغضون بعض الصحابة ، فيا سبحان الله… ! كيف نبغض الصحابة مع ورود النصوص في
فضائلهم ، والثناء عليهم كتابا وسنة ، يأبى الله ذلك والمسلمون، بل هم عندنا في
الحالة التي ذكرهم الله عليها من العدالة والنزاهة والمطهرات والثناء والمحبة، قال
الله عزَّ وجلَّ : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَاأمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤمِنُونَ اللهَ } ، { مُحَمَّدٌ
رَسُولُ اللهِ} ، { لـَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الـمُؤمِنِيَنَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ
} ، إلى غير ذلك من الآيات، وهم بالحالة التي وصفهم رسول الله إذا قال: إنَّ الله
قد اختار لي أصحابًا، فجعل لي منهم أصهارًا وأختانًا، فمن سبهم فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين ".
وقال أيضًا: ( لا تؤذوني في أصحابي فلو أنفق أحدكم
ملء الأرض ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) وقال أيضا : "عليكم بسنَّتي
وسنَّة الخلفاء الراشدين من بعدي" ، وقال أيضًا : (أصحابي كالنجوم بأيهم
اقتديتم اهتديتم) ، وغير ذلك من المدح والثناء عليهم ، اللهمَّ زدنا حبَّهم ،
واحشرنا في زمرتهم ، يا أرحم الراحمين !… بل لهم السهم الأوفر، وسلكوا الطريق
الأقصد ، ولزموا السبيل الأرشد، وكلامهم حكمة، وسكوتهم حجَّ ، ومخالطتهم غنيمة ،
والاستئناس بهم حياة، والاقتداء بهم نجاة، ويل للزائغ عن طريقهم الراغب عن سبيلهم" .
ويضيف أبو مهدي إلى هذا الكلام ما يلي:
"كان أبي رحمه الله ينهى من ينكر ما جرى بينهم إِلاَّ من يذكر
عنهم خيرًا، رضي الله عنهم ورحمهم، فهذا اعتقادنا في الصحابة رضي الله عنهم".
* يقول أبو العباس الدرجيني في كتابه الطبقات ما يلي :
"الطبقة الأولى هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وأفضليتهم أشهر، وأسماؤهم ومزاياهم أظهر، فلا يحتاج إلى تسميتهم ، لأنـَّهم رضوان
الله عليهم تحصل من سيرهم وأخبارهم في الدواوين، ومن آثارهم محفوظًا في صدور
الراوين ، ما أغنى عن تكلف تصنيف، وانتحال تأليف، وحسبهم ما قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: (أفضل أمتي قرني ثُمَّ الذين يلونهم ثُمَّ الذين يلونهم) وأحاديث
كثيرة في فضائلهم، فإذا ثبت هذا فاعلم أنَّ من الصحابة من لم يخالفنا في تقدمهم
مخالف، فقد امتلأت بذكر فضائلهم الصحائف، ومنهم من لم ينل حظَّا من الإنصاف عند
أهل الخلاف، وهم عندنا في جملة الأكابر والأسلاف ".
* يقول أبو الربيع سليمان الحيلاتي:
"وأما اتهامنا بالإنكار على بعض الصحابة فكذب وفرية علينا ،
وهذه كيفيَّة صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم : اللهمَّ صل وسلم على سيدنا
محمد النبي الأمي وعلى آله وأصحابه وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وآل بيته
أجمعين، كما صلَّيت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنَّك
حميد مجيد، فمن حسنت شيمته، وسلم من داء الحسد والبغض والغيبة، وإذا تأمل هذه
العبارة، وفهم معناها، يجدها شاملة لكـلّ صاحب وآل وزوجة وذرية قريبة أو بعيدة
اتباعاً لقوله تعالى : { قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ
فِي الْقُرْبَى } والمودَّة الصلاة والترحّم، ونحن ــ والحمد لله ــ وفينا بما
أمرنا الله به، والجهال المتشدقون عسى الله أنْ يرحمنا ويكفينا شرهم، وشرَّ
أنفسنا، وشرّ القوم الظالمين.
لا زلنا أحبتي مع الجواب عن الشبهة الرابعة والتي
هي حول الصحابة وكما قلت أنني أسوق من نصوص علماء السادة الإباضية ونبين ما استقر
عليه الأمر في هذه المسألة.
فضائل عثمان ذي النورين:
وقال قطب الأئمة في أمير المؤمنين عثمان بن عفان:
"
ولد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بست سنين، ولقب
ذو النورين، لأَنـَّهُ تزوج بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم : رقيَّة وأم كلثوم
بعد رقـيـَّة. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أنَّ لي أربعين بنتا
لزوجتك واحدة بعد واحدة حتَّى لا تبقى منهنَّ واحدة » وقيل لأَنـَّهُ كريم في
الجاهلية والإسلام".
* ذكر الشيخ محمد بن يوسف إطفيش-رحمه الله- كلاما يدافع فيه عن
الخليفة عثمان حين حاول الإمام القرطبي أن يصفه بوصف قبيح حين قال في كتاب الجامع
لأحكام القرآن للقرطبي ج17 ص73 عند تفسير قوله تعالى ( أفرأيت الذي تولى وأعطى
قليلاً وأكدى ) ما نصه:
"
وقيل: نزلت الآية في الإمام عثمان، إذ جهز الجيش من
ماله، وصرف ماله في وجوه الأجر، ثم أمسك لما خوَّف بالفقر، وأما ما قيل أن عبد
الله بن سعيد بن أبى سرح قال له: يوشك لإسرافك في العطاء أن تتكفف، فقال: أطلب رضا
الله تعالى وغفران ذنوبي، فقال: أعطني ناقتك برحلها أتحمل ذنوبك، فأعطاه، وأشهد
عليه، وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة فأنزل الله تعالى (أفرأيت الذي تولى
وأعطى قليلاً وأكدى) فلا يصح لبعد ذلك عن أضعف الصحابة، فضلا عنه". تيسير
التفسير .
لقد نفى قطب الأئمة الشيخ محمد بن يوسف أطفيش - رحمه
الله – نسبة هذه الرواية إلى الإمام عثمان لجلالة شأنه وعظم فضله لبعد هذا الفعل عن
أضعف الصحابة فكيف بعثمان صاحب الفضل.
ويتسائل الأخ الإباضي أو غيره: لماذا يتجاهل هؤلاء
هذا الموقف الرائع والاحترام الجم للخليفة عثمان من قبل الشيخ محمد بن يوسف اطفيش
وغيره ، ويتناسون ما رواه القرطبي عن السدي والكلبي والمسيب بن شريك وهم من علماء
السنة من تجريح في حق الخليفة عثمان بن عفان ؟؟!! أليس هذا بعدا عن المنهجية
وإصرارا على تجاهل الآخر وإن كان على صواب؟؟!! " . بل الأغرب من ذلك حينما
يقتطعون هذه النصوص ويخرجوها عن محلها والتي فند ما ورد فيها من أخطاء بحق الصحابة
فيأتون وينسبوا ما فيها من انتقاد لعثمان إلى الإمام القطب مع أنه ذكرها للتحذير
منها ليس إلا.
علي كرم الله وجهه ومكانته العالية:
قال التعاريتي في كتابه (المسلك المحمود) ابتداء من
صفحة 18 ما يلي:
والعجب كلّ العجب مِمَّا نسبه ــ ابن كامل بن مصطفى
ــ إلينا تجاهلاً وظلمًا، وتسلطًا وشتمًا، حتَّى أطال سنان لسانه، وقال: كفَّروا
عليا ــ بزوره وبهتانه، مع أنَّ اعتقادنا في الصحابة رضي الله عنهم أنـَّهم عدول
أتقياء، بررة أصفياء، قد اختارهم الله من بين الأنام، لصحبة نبيه عليه الصلاة
والسلام).
وبعد سطور يقول :
(وكيف يجوز لمن يؤمن بالحي الذي لا ينام، أن يكفر صهر نبيه عليه
السلام، الذي لم يسجد قط للأصنام).
وبعد أن يذكر عددًا من الآيات الكريمة التي قيل
إنـَّها نزلت في الإمام أو في آل البيت وكذلك الأحاديث الشريفة، والآثار التي وردت
في الصحابة يقول :
(إلى غير ذلك من الآيات البينات، والأحاديث الـمرويات، والآثار
المأثورات، الدالة على فضله عمومًا وخصوصًا، وكيف لا ؟
، وقد كان أفصح وتلا، وأكثر من شهد النجوى، سوى
الأنبياء والنبي المصطفى، صاحب القبلتين، فهل يوازيه أحد وهو أبو السبطين؟ مع أنَّ
كتبنا ولله الحمد ــ طافحة بالرواية عنه، وبالثناء عليه).
موقف سيدي سماحة الشيخ أحمد الخليلي حفظه الله من
الصحابة:
نذكر هنا جانبا مما قاله سيدي سماحة الشيخ أحمد
الخليلي عند إجابته على سؤال حول موقف السادة الإباضية من عثمان وعلي، حيث قال
الشيخ :
"إنني أعتقد أن لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة كبرى
فقد أثنى الله تعالى عليهم في كتابه في قوله : { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ
وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ
رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي
وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ
فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً
عَظِيماً } الفتح29 . وأثنى الله تعالى عليهم في قوله : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ
عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي
قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }
الفتح18 . وفي قوله تعالى : { لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا
مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً
وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } الحشر8
.
وإنني لحريص جدا على الدخول في ضمن الذين قال الله
تعالى عنهم: { وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ
لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }
الحشر10.
وإنني أعتقد أن أحدنا لو أنفق مثل جبل أحد ذهبا لما
ساوى ذلك مد أحدهم أو نصيفه ، كما أخبر عن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنني
لحريص جدا على طي صفحة الفتنة التي كانت بينهم ولم أكن أريد أن يتحدث لساني أو أن
يكتب قلمي شيئا عن تلك الفتن عملا بقول الله سبحانه وتعالى : { تِلْكَ أُمَّةٌ
قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا
كَانُوا يَعْمَلُونَ } البقرة134 . وهذا المبدأ الذي أعلنه الخليفة العادل عمر بن
عبدالعزيز إذ قال : "تلك دماء طهر الله منها أسنتنا أفلا نطهر منها ألسنتنا"
وهو نفسه الذي قاله الإمام نور الدين السالمي – رحمه
الله - وذلك حين قال :
فما مضى قبلك ولو بساعة *** فدعه ليس البحث عنه طاعة
وفي قوله :
نحن الألى نسكت عمن قد مضى *** ولا نعد الشتم دينا
يرتضى
فهذه بلادنا لا تلقـــــــى *** فيها لسب الصحب قد
نطقا
وهكذا كل بلاد المذهب *** مع كل عالم ومع كل غبي
جاهلنا لا يعرف الخلافا *** بينهموا حتى الممات وافا
وعالم بالإختلاف يمضي *** بالسر ما يلزمه من فرض
إلى آخر ما قال – رحمه الله - .
ويكمل الشيخ الخليلي حديثه ...(وإذا كنت أكره شيئا
من التاريخ ، فإنني أكره ذلك التأريخ تأريخ الفتنة العمياء التي نجمت بين أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدت إلى تفريق هذه الأمة أشلاء ممزعة حتى طمع فيها
عدوها ، ولو كان بالإمكان محو آثار هذه الدمغات السوداء من صحائف التاريخ ومن
أذهان الناس لفعلت، لتعود الوحدة بين هذه الأمة ،ولكن أنى لي أن أعمل ذلك والقدر
قد كتب ما كتب والله سبحانه وتعالى لا راد لحكمه ولا معقب له وكل ما يحدث في هذه
الوجود إنما هو بقضاء وقدر منه سبحانه وتعالى ". ا.ه كلام سماحته
وفي مطلع حديثه عن علي بن أبي طالب يقول الشيخ
الخليلي : ( أما بالنسبة إلى الخليفة الرابع الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
فإن الإباضية لا يزيدون عن حكاية ما حدث في عهده ولا ينالون من شخصه شيئا وهم أكثر
الناس تقديرا له وإحتراما لصحبته رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته منه
ويدركون كل الإدراك أنه من أفقه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم
إطلاعا على سيرته وأكثر علما بكتاب الله سبحانه وتعالى ولذلك كثيرا ما يأخذون
بآراءه في الفقه كما هو واضح في كتب الفقه حتى في الأشياء التي لا يأخذ فيها
الجمهور بآراء الخليفة الرابع علي كرم الله وجهه).
لا زلنا نسرد النصوص الدالة على حب
الصحابة الكرام من كلام علماء السادة الإباضية الأعلام.
وجاء في " أصدق المناهج في تمييز الإباضية عن
الخوارج " ، تأليف الشيخ العلامة سالم بن حمود السيابي رحمه الله تعالى ،
منهج الإباضية في عدم الخوض في الفتن بين الصحابة حيث يقول :
( وحسبك على نزاهتهم دليل حبهم لأبي بكر وعمر رضي الله
عنهما ، وكف ألسنتهم عن عثمان وعلي لما ألما به من الفتن وتقلب الأحوال
... ).
كما أنهم يذكرون علي بكل إحترام ، يقول الشيخ عبدالله
الكندي :
قد بالغوا في حب ذاك السيد *** إبن أبي طالب الممجد
أعني علياً إبن عم المصطفى *** وأظهروا ولاءهم للشرفا
كما جاء هذا في كتاب ( عقود العقيان في ذكر شيء من مباحث
القرآن ) للشيخ عبدالله بن سيف بن محمد الكندي ، صفحة 201 .
ونجد أن علماء السادة الإباضية يترضون على عثمان وعلي
عند ذكرهم ، نذكر من ذلك مثالاً ما قاله سيدي الشيخ أحمد الخليلي ... وقرأ بها
أربعة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وهم علي وابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك
رضي الله تعالى عنهم ..) دور العمانيين في توحيد الأمة -محاضرة مطبوعة في كتيب
لسيدي الشيخ أحمد الخليلي ص 29.
- السكوت أولى وأسلم:
يقول الإمام أبو إسحاق إبراهيم أطفيش -رحمه الله - في
تعليقه على كتاب الذهب الخالص للقطب محمد يوسف أطفيش ص62 ما نصه
:
"هذا رأي الأكثر واختار الكف عن الخوض في فتن
الصحابة الإمام أبو عبيده مسلم رحمه الله كما ذكره الرقيشي الإزكوي في مصباح
الظلام عند الكلام على وفد الأصحاب إلى عمر بن عبد العزيز . وأبو مهدي عيسى
المليكي في رسالته والبدر التلاتي في نزهته رحمهم الله . على أن الأحداث عما سلف
غير لازم البحث عنها كأحداث الصحابة والفتن وأهلها".
ويقول أيضا في رده على الأستاذ محمَّد بن عقيل العلوي ما
يشبه ما سبق فقد جاء في رسالته الصغيرة (النقد الجليل للعتب الجميل ) ما يلي
:
"أما ما زعمت من شتم أهل الاستقامة لأبي الحسن علي
وأبنائه فمحض اختلاق ".
ويقول في نفس الكتاب : (والأصحاب يتبرؤون تطبيق حكمي
الولاية البراءة لا تشهيا، وهما ينطبقان على كلّ فرد مهما عظمت منزلته ما لم يكن
من المعصومين ولا معصوم إلاَّ النبي أو الرسول. أمـَّا الصحابة فلهم مزية عظيمة
وهي مزية الصحبة والذب عن أفضل الخلق وإراقة دمائهم في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى
فيختار الكف عن تلك الحوادث الـمشؤومة").
ويقول بعد أسطرٍ:
(وأيضا لا غبار على من صرح بخطإ المخطئ منهم بدون الشتم
والثلب بعد التثبت من ذلك والتبين، وإن أمسك لعموم الأحاديث الواردة فيهم وترك
الأمر إلى الله فهو محسن وذلك أولى» ، ويقول أيضًا في نفس الكتاب : "ولم يكن
يوما من الأصحاب شتم له أو طعن، اللهمَّ إِلاَّ من بعض الغلاة وهم أفذاذ لا يخلو
منهم وسط ولا شعب".
هذا وقد عارض الشيخ أبو سعيد الكدمي-رحمه الله- من تعرض
لمسألة الولاية والبراءة في عثمان وعلي ، وكان خطابه شديد اللهجة في ذلك ، حيث
يقول :
"فهل يقدر أحد من الخليقة أن يقول : إن الله -تبارك
وتعالى - قد كلف عبدا من عبيده من الأولين والآخرين أن يوالي جميع أولياء الله من
الأولين والآخرين بأسمائهم وأعيانهم ، أو يعادي جميع أعداء الله بأسمائهم وأعيانهم
. أو هل حكم بذلك كتاب الله المستبين ، أو ادعى ذلك محق أو مبطل على رسول من رسل
رب العالمين - صلى الله وسلم عليهم أجمعين - ، أو في إجماع المسلمين ، أو يقوم ذلك
في حجج العقول من العاقلين ، أن يكون الله - تبارك وتعالى - قد كلف العباد في
الولاية والبراءة أن يعادوا له جميع أعدائه بأسمائهم وأعيانهم ، أو يوالوا له جميع
أوليائه بأسمائهم وأعيانهم ، هذا ما لا تحتمله العقول ، ويتنافى عن الله - تبارك
وتعالى- في أحكام الأصول ، وليس له أساس ، ولا منه محصول ، والله وكيل على ما نقول
. "ا.ه أبو سعيد الكدمي ، الإستقامة / الجزء الأول .
موقف الإباضية المعتمد من الصحابة الكرام:
تنبيه هام:
لا ننكر خوض البعض من أصحابنا في فتنة الصحابة
والقول فيمن أخطأ منهم ولسنا أول من خاض في هذه الفتنة فقد اختلفت الأمة فيها كلها
بل كان أول من خاض فيها الصحابة أنفسهم حينما ثاروا على عثمان وقتل في مأمنه على
مسمع من أهل المدينة ولم يحرك أحد ساكنا فلو كان الصحابة راضين عنه لقاموا لنصرته
كيف وقد حوصر في بيته شهرا، وما تبع الفتنة من اقتتال بين الصحابة شيء عظيم لا
يستهان به فلما العتب على السادة الإباضية فحسب مع أن موقفهم لم يعدو إلا اعتقادا
في القلب فقط، وهناك علماء آخرين من كل المذاهب تكلموا في هذه الفتنة وحللوها.
وعلى كل نقول إن هذا لا يمثل الموقف المعتمد الذي
عليه جمهور المذهب فهو رأي يمثله صاحبه، وعلى أي حال فإنا نجد لهم مسوغات في ذلك
تحكمها ظروف ذلك الوقت، فمن ظهرت له أدلة يقينية توجب تخطأتهم فله الحق في ذلك فهم
ليسوا معصومين من الخطأ، وإن تتبعنا جميع كتب السادة الإباضية لرأينا أن تلك
الأقوال تمثل نسبة العشر من المائة فهم قلة بينما نرى مؤلفات ورسائل كثيرة ألفت في
التاريخ والعقيدة ولم تتعرض لتلك الفتنة وما جرى فيها، بل يخالف البعض ذلك القول
ويترضى عليهم وما ذكرناه في السطور السابقة خير دليل على ذلك.
وكل مذهب يمر بمراحل متدرجة في فكره و معتقداته على
مر العصور حتى يستتب على أمر، وليس من الإنصاف أن يأتي شخص بنص من كتاب قد ألف منذ
قرون وينشره لعامة الناس ويقول لهم انظروا ما يعتقده جميع السادة الإباضية وما
يسطرونه من براءة للصحابة، بخبث طوية رغبة في صرف الناس عن أهل الحق، وإنما منهجنا
اليوم هو منهج المدرسة الإباضية المؤسسة فنلتزم الوقوف عن تلك الفتنة وعدم الخوض
فيها وتلك أمة لها أعمالها وهي "دماء طهر الله منها أسنتنا أفلا نطهر منها
ألسنتنا" .
ولو شرق هذا المدعي وغرب لن يجد في كتبنا سبا
للصحابة ووصفا بالصفات البذيئة فليس يعدو الأمر مجرد براءة بالقلب لأشخاص معدودين
نتيجة لموقف سياسي معين وأخطاء لا ينكرها المخالف لأن العصمة متعذرة فيهم، وإن كان
بعض أصحابنا قد تبرأ من بعض الصحابة وهم قلة قليلة لا تذكر فإن ذلك لا يعد شيئا في
مقابل ما تلوث به غيرهم بدماءهم الطاهرة فما فعله المنتسبون لبني أمية وغيرهم من
بغي وعدوان وقتل للصحابة وسبي لنسائهم في موقعة الحرة وغيرها أفظع جرما وأشد خطرا
فلم لا يحاسب أولئك على فعائلهم الشنيعة وينتقد جرمهم، بل تجد الحكم متناقضا
باعتبارهم مجتهدين في ذلك ولهم الأجر ويجب الترضي عليهم رغم ما حدث منهم، وفي
المقابل لا يعذر أهل النهروان ومن قفى أثرهم بما يضمروه في قلوبهم فقط ويعتبر
اجتهادهم خطأ وضلالا مع أن هناك مجموعة من الصحابة قد وافقوهم في رأيهم فأي ميزان
هذا؟!.
لا زلنا في مسألة الصحبة والصحابة وما
أتهم به السادة الإباضية من تهمة شوهاء شلاء عمياء من سب للصحابة ولعنهم وما ذلك
إلا من نابتة خبيثة وطائفة مذمومة ألا وهي الوهابية الحشوية أتباع محمد بن عبد
الوهاب التميمي النجدي قرن الشيطان. وتتمة لما سبق نخرج بعدة نقاط من الكلام الذي
قلناه في الحلقات الماضية:
إذا تأملنا موقف السادة الإباضية من الصحابة وجدنا
(1)إن الإباضية يكنون للصحابة الاحترام والتقدير
ويعتبرونهم الحجة والقدوة ويعترفون لهم بسبق الفضل والخير في أمور عديدة ، ويتمثل
موقفهم المعتمد بالاعتدال وعدم الخوض في تلك الأحداث والسكوت أولى للناظر فيها.
(2)إن القول بأن الإباضية يكرهون الصحابة قول لا دليل
عليه إذ أن الإباضية يتولون الصحابة بدليل أنهم يترضون ويترحمون عليهم والترضي
والترحم هما عين الولاية وكتبهم مليئة بذلك وما نقلناه في الحلقات الماضية لخير
شاهد.
(3) إن الإباضية يرون الصحابة – رضوان الله عليهم - هم
كغيرهم من البشر غير معصومين من الخطأ إذ لم يقم دليل على عصمتهم والخطأ منهم وارد
وصحبتهم للنبي شرف لهم إلا أنها لا تشفع لهم عند الله وإلا لسقط التكليف
عنهم"ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه".
(4) إن القول بأن الإباضية يقولون عن عثمان : بأنه غير
وبدل آخر حياته أثار البدع، يقصد به التشنيع على الإباضية وإلا فإن الإباضية لم
يزيدو حرفا واحدا عما ذكرته كتب المشنعين أنفسهم وسطروه بأيديهم وقد نقلوا بعض ذلك
من كتبهم ، فلماذا يجعل هذا القول من خصائص المذهب الإباضي، ومع ذلك تجد في مذهبنا
من يترضى على عثمان وعلي ويصرفون النظر عن الفتنة بل ويروون عنهم أحاديث في كتبهم
المعتمدة ؟!!
(5) إن الإباضية لم يكفروا أحدا من الصحابة ولا أحدا من
المسلمين ما دام متأولا ولكنهم يسمون العاصي كافر نعمة بمعنى أنه لم يستخدم هذه
النعمة في طاعة الله تعالى عندما أعطاه الله إياها ولكنه يبقى على إسلامه ولا
يخرجوه من الدين ولا يحكمون على أحد أبدا أنه في النار إلا ما نص عليه القرآن،
وربما استوهم البعض من ذلك وظنوا أن الإباضية كالخوارج يكفرون جميع المسلمين
ويخرجوهم من الملة مع أن هذا المصطلح موجود في كتب السنة ويسمونه كفر دون كفر أو
كفر أصغر.
(6) إنهم يعتبرون تحكيم الحكمين خطأ ليس لهوى نفس أو
مطمع سياسي أو دنيوي وإنما مستند على أدلة واضحة لمن قرأ التاريخ.
(7) إن قول من قال بأن عثمان بن عفان قتل ظلما وعدوانا
هو بمثابة من يبني قصرا ويهدم مصرا لأنه برأ واحدا ووجه التهمة إلى عشرات الآلاف
من الصحابة إذ أن ما نقل عن أهل المدينة يدل على رضاهم بذلك لما ثبت في كتب
التأريخ من كلامهم ، ولما ذكرته كتب التأريخ من الأحداث التي عملها عثمان في الست
سنوات الأخيرة ، وطول الحصار عليه بين عدد كبير من الصحابة فلم يحركوا ساكنا من
أجل إنقاذه، ولأنهم منعوا من دفنه في البقيع ولم يشيعوا جنازته ، فالقول بقتله
ظلما يعني رضا بعض الصحابة بما وقع عليه .
(8) إن القول بأن عثمان منع أهل المدينة من الدفاع عنه
ليس بشيء لما ذكر أنه استنجد بمعاوية وهو في الشام فكيف يمنع أهل المدينة من
الدفاع عنه ويستنجد بمن في الشام ؟!! بالإضافة إلى أنه ذكر في رسالته لمعاوية عدم
رضا أهل المدينة عنه .
(9) إن القول بأنهم كلهم مجتهدون ومصيبون يعتبر نظرة
خاطئة لمجريات الأحداث فلو كان الأمر كذلك لتم إخماد نار الفتنة من أصلها ولما
اشتعلت كل هذا الاشتعال إلى يومنا هذا، مع ما ثبت أن معاوية لم يخرج لنصرة الدين،
وإنما خرج طالبا للإمارة حتى احتال لها وانتزعها من علي، والنبي صلى الله وسلم
عليه حكم ببغي وخطأ الفئة الخارجة حين قال "ويح عمار تقتله الفئة
الباغية"، وقد ثبت أن من قتل عمار كان من جيش معاوية.
(10) يجب احترام الآخرين إذا خالفونا في مسألة الولاية
والبراءة : يقول العلامة محمد بن روح الإباضي :"وليس في ديننا إنكار على من
تولى علي بن أبي طالب إلا على الشريطة، والولاية لعلي بن أبي طالب بشهرة فضله لا
يخطئ من تولاه على شهرة فضله لأنه قد صح عندنا أن علي بن أبي طالب كان إماما
للمسلمين فمن تولى علي بن أبي طالب لم يحل لنا أن نخطأه ولا نترك ولا يته بل يجب
علينا أن نتولاه" قاموس الشريعة ج8 ص267
ويقول الإمام أبو سعيد الكدمي : "وكذلك أنت لا يحل
لك أن تبرأ من المسلمين إذ قد برؤوا من علي بن أبي طالب بما قد ظهر إليهم من حدثه
وغاب عنهم من صحة أمره" المعتبر ج2 ص43
(11) محاولة التخلص من ظاهرة التقديس أو التناقض في
المنهج والموضوعية أمر مطلوب فالبعض تبنى عدالة جميع الصحابة وأنهم في الجنة إلا
أنهم في الوقت نفسه يمارسون أقص أنواع الثلب والتنقيص من الصحابة الذين ثاروا على
عثمان وفي الذين خرجوا على علي بن أبي طالب، ونجد البعض جرح جميع الصحابة وتبرأ
منهم إلا من كان من أهل البيت أو كان مناصرا لأهل البيت مع أن القرآن قد أثنى على
جمع كبير من الصحابة.
يتضح لنا من خلال القواعد الكلية التي حددها السادة
الإباضية في التعامل مع قضايا الولاية والبراءة أن الأصل في الشخصيات التاريخية هو
الإمساك عنها وعدم التنقيب عن أخطائها، وهذه النتيجة تعكس موقف المدرسة الفقهية
الإباضية الأولى التي أسسها الإمام جابر بن زيد-رضي الله عنه- وتلامذته أبوعبيدة
والربيع، وقد توقف قبلهم عن الخوض فيها بعض الصحابة كعبدالله بن عمر وسعد بن أبي
وقاص وزيد بن ثابت وبعض الأنصار..
إن قضية الصحابة ينبغي الكف عن ذكرها واتباع قول
الله تعالى : " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما
كانوا يعملون "البقرة 134 واتباع قوله – صلى الله عليه وسلم – " إذا
وصلتم أصحابي فكفوا " ، وما كنت لأكتب كلمة واحدة في هذا المختصر عن هذه القضية
لولا أن زُجّ بنا في ذلك زجّا حيث جعلت قضية تشنيع على المذهب الإباضي وإظهاره
بالانحراف ليظهر المشنعون أنهم على الحق وغيرهم على باطل .
فليس من ديننا الشتم ولا اللعن ولا التشهير ، هذا
إذا كان في غير الصحابة فكيف بصحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذين هم
خير البشر بعد الأنبياء والصديقين.
وفي هذا الموضوع يقول العلامة نور الدين السالمي –
رحمه الله - :
نحن الألى نسكت عما قد مضى * ولا نعد الشـتم دينا
يرتضى
ومـا ذكـرتـه بهـذا الـنظم * لم يك بالسـب ولا
بـالشتم
لكنه كـشـف لأصـل الأمـر* ليظهر المخطئ من ذي العذر
نقول تـلك أمـة وقـد خلـت * وكل فرقة لها مـا كسـبت
وديـنـنـا لـم يـتوقـفـنـا * لشتم مـن ضـل فنـشـتمنا
وفي صنوف طاعـة الرحمـن * شغل عن الفضـول باللسـان
يلزمنا أن نـنكـرن المـنكرا * وما يزيـد لـم يكـن
ليذكرا
لو كـان الاعـتقاد موقوفا على * ذكـر المضلـين إذن
تـطوّلا
وامتـلأت مجـلـدات العـلم * بالسب والشـتم لأهل
الظـلم
هيهات لـيـس ذاك عندنا بشي * بل فعـله يعـرف عندنا
بغيّ
___________
جاهلنا لا يعـرف الخـلافا * بينـهم حتـى المـمات وافا
وعالم بالاخـتلاف يمضي * في السر ما يلزمه من فرض
خوفا من الجهال أن يقولوا ما لم يكـن لهـم بـه دخول
هم منعوا بأن يقول الجاهل * ما لـم يكـن له بعلم حاصل
إن سمعوا من جـاهل مقالا * بغير علـم أنـكـروه حـالا
قالوا فإن العلما قـد حكموا * في ذاك بالـذي قـد
عـلموا
وأنت إن علمت مثل علمهم * جاز لك الحكـم بمثل حكمهم
وذاك للقيـام بالواجب من * معنى البراءة الذي كان
زُكن
وإن جهلت فرضك الوقوف * وهو سبـيل عنـدنا معروف
وكان مـن قولهم لا تبحثن * عـن حـدث لأجل منه تبرأن
لأنه تجسـس مـمـنـوع * لا يفعلنه عنـدنا المـطيـع
وقد تناسوا أمر ذاك الحدث * من قولهم لا تبحثن لا
تبحث
فما مضـى قبلك لو بساعة * فدعه ليس البحث عنه طاعة
عرضنا فيما مضى موقف السادة الإباضية من الصحابة
وقلنا أن سب الصحابة فرية افتراها الحشوية الوهابية وأخذوا يدندنون حولها.
بيد أننا لو أمعنا النظر في كتب علماء الوهابية
لرأينا كيف أن هؤلاء يستنقصون من قدر الصحابة ويلمزونهم بصفات وأوصاف لا يرضاها
الشخص لنفسه فضلا على أن يرضاها لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أدل على
ذلك ما في كتب ابن تيمية الذي هو شيخ إسلامهم وابن القيم وغيرهم فمال هؤلاء قد
تغافلوا عن كتب أشياخهم وأخذوا يفتشون في كتب من خالفهم؟
إليك من كلام هؤلاء الذين يزعمون حب الصحابة:
يقول ابن القيم في بدائع الفوائد ج4 ص 905 بأن
الصحابة يستمنونوإن كان مغلوبا على شهوته يخاف العنت كالأسير
والمسافر والفقير جاز له ذلك نص عليه أحمد رضي الله عنه وروي أن الصحابة كانوا
يفعلونه في غزواتهم وأسفارهم)
وهذا الألباني المتناقض يتهم الصحابة بأنهم يغازلون
النساء في الصلاة في أحد دروسه:
( و قد لا يعلم الكثير من طلاب العلم فضلاً عن عامة المسلمين أن
سبب هذا التشريع، أي:
((و شر صفوف الرجال آخرها و شر صفوف النساء أولها))
... قد لا يعلم الكثير السبب في ذلك.
السبب : أنه كان هناك رجل من أصحاب الرسول (عليه
السلام) يحضر المسجد و يصلي ، لكنه كان يتعمد الصلاة في الصف الأخير!!.
لم؟
لأنه كانت هناك امرأة جميلة تصلي في الصف الأول !! و
كان إذا سجد نظر هكذا تحت إبطه إليها!!. )
وذكر ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة (1/153) أن
ابن تيمية خطأ عمر بن الخطاب في شىء وأنه قال عن عثمان أنه كان يحب المال، وأن أبا
بكر أسلم شيخا لا يدري ما يقول، وذكر الحافظ أيضا في الدرر الكامنة (1/114) أن ابن
تيمية خطأ أمير المؤمنين عليا كرم الله وجهه في سبعة عشر موضعا خالف فيها نص
الكتاب، وأن العلماء نسبوه إلى النفاق لقوله هذا في علي كرم الله وجهه، ولقوله
أيضا فيه: أنه كان مخذولا، وأنه قاتل للرئاسة لا للديانة.
فابن تيمية لقتال يضمر ضغينة لعلي، ويؤيد هذا قول
الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (6/319)عند ترجمة والد الحلي الذي ألف ابن تيمية
كتابه منهاج السنة النبوية في الرد عليه ونصه: وكم من مبالغة له لتوهين كلام الحلي
أدت به أحيانا إلى تنقيص علي رضي الله عنه.
وقال في في منهاج سنته (7 /137-138) "ولم يكن
كذلك علي فإن كثيرا من الصحابة والتابعين كانوا يبغضونه ويسبونه ويقاتلونه"
وقال أيضاً في منهاجه (7 / 199)
"أنه لم يكن لعلي في الإسلام أثر حسن إلا ولغيره من الصحابة
مثله ولبعضهم آثار أعظم من آثاره وهذا معلوم لمن عرف السيرة الصحيحة الثابتة
بالنقل" وقال في منهاجه (4 / 117) "فلم يزهر في خلافته دين الإسلام"
ولإظهار البغض لعلي قال ابن تيمية في منهاجه
(4/65)ما نصه: وقد أنزل الله تعالى في علي: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة
وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}. سورة النساء. لما صلى فقرأ وخلط.
قال العلامة علوي بن طاهر الحداد في كتابه (القول
الفصل فيما لبني هاشم من الفضل ) في الجزء الثاني منه ما نصه: وفي منهاجه من السب
والذم الموجه المورد في قالب المعاريض ومقدمات الأدلة في أمير المؤمنين علي
والزهراء البتول والحسنين وذريتهم ما تقشعر منه الجلود وترجف له القلوب ولا سبب
لعكوف النواصب والخوارج على كتابه المذكور إلا كونه يضرب على أوتارهم ويتردد على
أطلالهم وءاثارهم فكن منه ومنهم على حذر. اهـ.
لقد عرضنا في الحلقة الماضية بعضا من كلام ابن
تيمية المجسم وغيره من الوهابية في استنقاص صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد كان هؤلاء وأتباعهم يشنعون على السادة الإباضية ويتهمونهم بسب وتكفير الصحابة.
وأقول إن ما لم نذكره من أقوال هذا المغرور بنفسه
والمغرر به أتباعه لكثير كثير من ذم وقدح في الصحابة بل حتى في رسول الله صلوات
ربي وسلامه عليه ولكن هؤلاء القوم لا يفهمون ولا يفقهون حتى كلام شيخ إسلامهم
ولولا خوف الإطالة لذكرت تلك النصوص من كلام ابن تيمية في تقريره أن الحزن على
سيدي رسول الله لا يجدي وأنه من رأى سيدي رسول الله في المنام فإنما ذلك من ضعف
الإيمان وأنه لا فائدة من زيارة قبره وأن التوسل به شرك وبذلك هو يحكم على كثير من
الصحابة بالشرك وأن الفضل لزوجاته لا لزواجهن منه وإنما لتقواهن واستنقاصه من فاطمة
وأبي بكر وعلي والحسن والحسين وغيره كثير وإن تعنت الوهابية ذكرنا لهم النص
والكتاب والصفحة إن شاء الله.
ونحن إذا نظرنا نظرة فاحصة بعين المدقق وجدنا أن
التشنيع من هؤلاء الوهابية على غيرهم واتهامهم ببغض الصحابة وأنهم هم المدافعون عن
الصحابة لحبهم إياهم ما ذلك إلا دفاعا عن مسلمة الفتح أي الطلقاء ومنهم معاوية
ووالده ومن على شاكلتهم وهؤلاء كما قلنا أنهم أصحاب صحبة غير شرعية.
ومعاوية بن أبي سفيان الذي يدافع عنه الوهابية مذموم
على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وكثير من علماء الأمة.
قال علي بن أبي طالب فيه وفيمن معه يوم صفين :"
عباد الله امضوا على حقكم وصدقكم وقتال عدوكم فإن معاوية وعمراً وابن أبي معيط
وحبيباً وابن أبي سرح والضحاك ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، أنا أعرف بهم منكم، قد
صحبتهم أطفالاً ثم رجالاً فكانوا شر أطفال وشر رجال، ويحكم والله ما رفعوها إلا
خديعةً ووهناً ومكيدةً " وانظروا الكامل في التاريخ - (ج 2 / ص 74)،فترون أن
الإمام عليا ينفي أن يكون معاوية ومن معه (( أصحاب دين أو قرآن وأنه بحكم صحبته
لهم قد علم أنهم شر أطفال وشر رجال وأنه مخادع ))
وهنا وقفة لا بد منها وهي: أين فضل الصحابة والاجتهاد
المزعوم الذي يطالعنا به بين الحين والآخر بعض المتشنجين من موقف السادة الإباضية
من الصحابة،وهل جهل علي هذه الشعارات التي ترتفع بها بعض العقائر اليوم بين الحين
والآخر – من تشنيع على من خطأ الصحابة أو قدح في عدالة الصحابة أو ذم الصحابة إلى
غير ذلك من التهم الهوجاء التي يطالعنا بها بعض الناس بين الحين والحين-وهل يستثنى
علي من سيل السباب والتهم والتشنيع الذي نال السادة الإباضية إذ وقفوا موقفه من
معاوية ومن معه(( ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ))ولماذا يستثنى؟!،ولم لم ينكر عليه
أحد من أكابر الصحابة الذين معه قوله هذا في معاوية وعمرو ومن معهما وعلى رأس
الذين مع علي البحر ابن عباس رضي الله عنهما؟!
وهذا عبد الله بن بديل الصحابي يقوم يوم صفين في
أصحابه- كما في الاستيعاب لابن عبد البر(ج1/263)-، فخطب، فحمد الله وأثنى عليه،
وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ألا إن معاوية أدعى ما ليس له، ونازع
الأمر أهله، ومن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، وصال عليكم بالأحزاب
والأعراب، وزين لهم الضلالة، وزرع في قلوبهم حب الفتنة، ولبس عليهم الأمر، وأنتم
والله على الحق، على نور من ربكم وبرهان مبين، فقاتلوا الطغاة الجفاة، " قاتلوهم
يعذبهم الله بأيديكم " التوبة 15 وتلا الآية. قاتلوا الفئة الباغية الذين
نازعوا الأمر أهله، وقد قاتلتموهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله ما هم
في هذه بأزكى ولا أتقى ولا أبر، قوموا إلى عدو الله وعدوكم، رحمكم الله "إ.هـ
ولو أننا سلمنا جدلا أن كل ما روي في فضل معاوية
صحيحا فإن فهم هؤلاء الصحابة يقتضي أنه كل منقبة مستلبة منه بهذه المثالب التي
أحصاها عليه أكابر الصحابة واستباحوا قتاله بسببها لدرجة أن وصفه ومن معه ابن بديل
بـ((العدو لله وللمؤمنين وبالطغاة البغاة وأن معاوية جاء بالأحزاب والأعراب – وهو
دليل أنه لم يكن معه أحد من أكابر الصحابة وأفاضلهم-،وأنه زين لهم الضلالة،وادعى
ماليس له ونازع الأمر أهله وجادل بالباطل ليدحض به الحق )) فهل جهل الصحابة هؤلاء
أن حب معاوية ميزان حبهم؟!
لقد علمنا علما جازما أن الدفاع من الوهابية
السلفية عن الصحابة ورمي مخالفيهم بالتهم الشنيعة إنما ذلك دفاع عن مسلمة الفتح
الذين هم ليسوا أصلا من الصحابة من أمثال معاوية الباغي وغيره ممن لم يحسن إسلامه
وهذا واضح في كتبهم وزيادة على ما ذكرته سابقا أقول:
إن الحقيقة التي ينبغي أن نقر بها هي أن معاوية
مذموم على لسان من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى – صلى الله عليه وآله
وسلم- ذما لا يبرأ منه الدهر كله،وإليك شيئا مما قاله فيه رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم:
1) روى البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
ومسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال:" ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار
"إن مما لا شك فيه أن البغي مما حرمه الله تعالى تحريما صريحا في كتابه بل
وقرنه بالشرك الذي هو أكبر الكبائر فقال{ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ
الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ
الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ
تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف/33]،وقال{ إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
[النحل/90]،وقد ثبت ثبوت شمس الظهيرة أن معاوية قد بغى على الله ورسوله وعلى
المؤمنين بتحزيب الأحزاب على الخليفة الشرعي للمسلمين ،وما ذلك منه إلا لأنه يرى في
نفسه الأهلية للخلافة دون علي ،ففي الكامل (ج 2 / ص 9)ما نصه:" فلما نفر
عثمان وشخص معاوية والأمراء معه واستقل على الطريق رجز به الحادي فقال:
قد علمت ضوامر المطي ... وضمرات عوج القسي
أن الأمير بعده علي ... وفي الزبير خلفٌ رضي
وطلحة الحامي لها ولي
فقال كعب: كذبت بل يلي بعده صاحب البغلة الشهباء،
يعني معاوية؛ فطمع فيها من يومئذٍ "إ.هـ
وانظر كذلك الجزء المتمم لطبقات ابن سعد وتاريخ دمشق
إضافة إلى أن عليا لم يكن يعتبر معاوية شيئا أصلا فبعد الكلام الذي مر هنا من
الكامل جاء ما نصه:" فلما قدم عثمان المدينة دعا علياً وطلحة والزبير وعنده
معاوية، فحمد الله معاوية ثم قال: أنتم أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وخيرته من خلفه وولاة أمر هذه الأمة، لا يطمع فيه أحد غيركم، اخترتم صاحبكم عن غير
غلبة ولا طمع، وقد كبر وولي عمره ولو انتظرتم به الهرم لكان قريباً مع أني أرجو أن
يكون أكرم على الله أن يبلغه ذلك، وقد فشت مقالة خفتها عليكم فيما عتبتم فيه من
شيء، فهذه يدي لكم به، ولا تطمعوا الناس في أمركم، فوالله إن طمعوا فيه لا رأيتم
منها أبداً إلا إدباراً.
قال علي: ما لك ولذلك لا أم لك؟ "إ.هـ أي ومن
تكون أنت حتى تقوم في هذا المقام،وهذا من التحقير الواضح لشأنه.
ثم إن هذا الحديث يثبت لمعاوية أمرا خطيرا ألا وهو
الدعوة إلى النار، ( يدعوهم إلى الجنة،ويدعونه إلى النار)،ولذلك لم يتورع معاوية
من تحريف هذا الحديث بكل جرأة على الله ورسوله ليدفع عن نفسه هذه البلية،ففي سمط
النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي –للعصامي (ج 1 / ص 495)قال السهيلي: جاء
عمرو بن العاص إلى معاوية فقال له: إن عمار بن ياسر قد قتل، قال معاوية: فماذا؟
قال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار: " تقتلك الفئة
الباغية " . فقال معاوية لعمرو: رحضت في بولك، أنحن قتلناه؟ إنما قتله الذي
أخرجه. فبلغ قوله علياً فقال: إذا ما قتل حمزة إلا النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه
الذي أخرجه "إ.هـ وكذلك ذكر ذلك الصفدي في الوافي بالوفيات (7/117)وابن حبان
في الثقات(2/291)وابن سعد في الطبقات (3/253)،وللعلم فقد كان بعض من تخلفوا عن علي
قد ندموا على ذلك ففي الإستيعاب لابن عبد البر (ج 1 / ص 25):" وأما مسروق
فذكر عنه إبراهيم النخعي أنه ما مات حتى تاب إلى الله تعالى من تخلفه عن علي كرم
الله وجهه وصح عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما من وجوه أنه قال ما آسى على شيء
كما آسى أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي رضي الله عنه"إ.هـ
ومع ذلك يتبجح أنصار معاوية بكل جرأة على الله
ورسوله – تبعا له – فيحرفون الكلم عن مواضعه فيأتي أبو علي النجاد فيقول كما يروي
عنه ابن أبي يعلى في كتاب طبقات الحنابلة - (ج 1 / ص 228) أنه قال:" قوله
عليه الصلاة والسلام تقتلك الفئة الباغية يعني به الطالبة لا الظالمة لأن أهل
اللغة تسمي الطالب باغياً ومنه بغيت الشيء تقول طلبته ومنه قوله تعالى قالوا يا
أبانا ما نبغي وقوله وابتغوا من فضل الله ومثل ذلك كثير فإنما يعني بذلك الطالبة
لقتلة عثمان رضي الله عنه "إ.هـ !!! قلت : هذا نوع من الهذر الذي لا يصدر عن
العقلاء ويترفع عن الرد عليه النبهاء.
لا زلنا في توضيح مسألة دفاع الوهابية الحشوية عن
الصحابة وقد ذكرت شيئا من مثالب هذا الرجل ونواصل سرد الحقائق عن هذا الرجل الذي
يجعله الحشوية ميزانا لحب الصحابة ونحن في كل ما نقوله نذكر نصوص أهل السنة من كتبهم.
2)جاء في صحيح مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أَلْعَبُ
مَعَ الصِّبْيَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَوَارَيْتُ
خَلْفَ بَابٍ - قَالَ - فَجَاءَ فَحَطَأَنِى حَطْأَةً وَقَالَ « اذْهَبْ وَادْعُ
لِى مُعَاوِيَةَ ». قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ يَأْكُلُ - قَالَ - ثُمَّ قَالَ
لِىَ « اذْهَبْ وَادْعُ لِى مُعَاوِيَةَ ». قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ يَأْكُلُ
فَقَالَ « لاَ أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ »،ففي هذا الحديث تجاهل واضح من معاوية
لدعوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم واستهتار بها،والله تعالى يقول للمؤمنين
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ
يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور/63]،ولأنه قارف معصية عدم الاستجابة لدعوة النبي صلى الله
عليه وآله وسلم دعا صلى الله عليه وآله وسلم عليه ،وقد استجاب الله دعاء نبيه فقد
روى البلاذري في أنساب الأشراف ص125 عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:"
فما شبع بعدها أبدا "وروى كذلك عن عقبة عن عبد الله بن بريدة قال :" كان
معاوية يؤتى بالثريد تكاد تستر الذي يؤاكله فيأكل ويدعو إلى طعامه عدة بعد عدة
فيأكل معهم جميعا"،وروى كذلك عن المدائني عن عامر بن الأسود قال: كان معاوية
يأكل في اليوم أربع أكلات آخرهن أعضلهن وأشدهن ويتعشى فيأكل ثردة عليها بصل كثير
"إ.هـ
والمتعصبون لمعاوية يروون حديثا عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم أنه قال :" اللهم إنما أنا بشر فأيما عبد من المؤمنين
دعوت عليه بدعوة فاجعلها له زكاة ورحمة" قال الهيثمي في المجمع رواه أحمد
ورجاله ثقات،والواقع أن هذا الحديث إن صح فإنه لا يشمل كل مدعو عليه،وإنما يشمل
حالات الغضب والانفعال الذي يخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها عن طبيعته
فيدعو على من لا يستحق،ولكننا لا نستطيع الجزم بصحة هذه الرواية،وذلك لوجود
المعارض لها ألا وهي الرواية التي رواها أحمد وابن خزيمة عَنْ عمرو بن شُعَيْبٍ عن
أبيه عَنْ جَدِّهِ . قَالَ:قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَكْتُبُ مَا أَسْمَعُ
مِنْكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : فِي الرِّضَا وَالسُّخْطِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ،
فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَقولَ فِي ذَلِكَ إِلاَّ حَقًّا.
وفي رواية : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّى أَسْمَعُ مِنْكَ
أَشْيَاءَ أَفَأَكْتُبُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : فِى الْغَضَبِ وَالرِّضَا
؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَإِنِّى لاَ أَقُولُ فِيهِمَا إِلاَّ حَقًّا "فهو عليه
الصلاة والسلام لا يقول إلا حقا في رضاه وغضبه.
3)عن سفينه مولى أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان
جالسا فمر أبو سفيان ومعه معاوية وأخ له أحدهما يقود البعير والآخر يسوقه،فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" لعن الله الحامل والمحمول والقائد
والسائق " هذا الحديث رواه البزار في مسنده عن سفينه بسند صحيح وله شواهد
ومتابعات فقد رواه الطبراني في معجمه الكبير عن الحسن بن علي وعمرو بن العاص
والمغيرة بن شعبة،ورواه ابن عساكر عن البراء بن عازب والطبراني في معجمه الكبير عن
عاصم الليثي ونصر بن مزاحم عن ابن عمر وكذلك رواه الطبراني في معجمه الكبير عن
المهاجر بن قنفذ بإسناد وثقه الهيثمي.
4) روى البلاذري بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :
كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :" يطلع عليكم من هذا الفج
رجل يموت على غير ملتي " قال وكنت تركت أبي قد وضع له وضوءه فكنت كحابس البول
مخافة أن يجيء،قال فطلع معاوية،فقال النبي هذا هو "وهذا حديث رجاله ثقات على
شرط الشيخين.
لا زلنا في تفنيد هذه الشبهة الكاسدة التي يثيرها
الحشوية المجسمة وهي سب الصحابة تجاه السادة الإباضية ويريدون أن يشنعوا فيها على
السادة الإباضية وكما قلت سابقا أنهم لا يريدون الدفاع عن الصحابة وإنما اهتمامهم
فقط بالطليق بن الطليق وهو معاوية الذي ذمه الرسول الأكرم في غير ما حديث من
الأحاديث الصحيحة المتواترة وعلى ذمه كثير من الصحابة ومن جاء بعدهم من التابعين
وكذلك جمهور أهل العلم وقد ذكرنا بعضا من هذه الأحاديث ونذكر بعضها الآن ثم نعرج
على كلام العلماء في ذلك وهم علماء أهل السنة بالمصادر من كتبهم:
5) حديث:" أول من يغير سنتي رجل من بني أمية " قال
الألباني في " السلسلة الصحيحة :" أخرجه ابن أبي عاصم في " الأوائل
" ( 7 / 2 ) : حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا عوف عن المهاجر أبي
مخلد عن أبي العالية عن أبي ذر أنه قال ليزيد ابن أبي سفيان : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن ، رجاله ثقات رجال الشيخين
غير المهاجر و هو ابن مخلد أبو مخلد ، قال ابن معين : " صالح " . و ذكره
ابن حبان في " الثقات " . و قال الساجي : " صدوق " . و قال
أبو حاتم : " لين الحديث ليس بذاك و ليس بالمتقن ،يكتب حديثه " .
قلت : فمثله لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن . و الله
أعلم . و لعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة ، و جعله وراثة . و الله
أعلم "إ.هـ
وليت معاوية قد اكتفى بتغيير سنة الخلافة الراشدة
فحسب وإنما زاد على ذلك ماهو أعم وأطم،وذلك حينما ورث الخلافة من بعده ابنه يزيد
وبينه وبين قيادة الأمة كما بين الثرى والثريا،ومن العجب أن يأتي عثمان الخميس بكل
جرأة في كتابه التالف الهش الهزيل ( حقبة من التاريخ ) ليصف يزيد بأمير المؤمنين
وأن إمارته كانت شرعية،فكيف تكون شرعية ياعثمان الخميس وهي على غير هدي النبي صلى
الله عليه وآله وسلم وسنته؟أولستم من ينادي في كل وادٍ بحديث:" من أحدث في
أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "،وحديث:" وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في
النار " فكيف التوفيق بين هذه النصوص التي هي من لب منهجكم وبين رضاكم بإمرة
يزيد وقبول إمرته للمؤمنين؟!!!!
قال أبو الفداء في تاريخه :
(( ورويَ عن الشافعي رحمه الله تعالى أّنه أسرّ إالى الربيع أنه
لايقبل شهادة أربعة من الصحابة وهم معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة وزياد . ))
تاريخ أبي الفداء المسمى المختصر في أخبار البشر ج1 ص259 ، ورواه البغدادي في
خزانة الأدب ج6 ص51
وروى الطبري وابن الأثير وابن الجوزي وأبي الفداء
وابن كثير وغيرهم
(( عن الحسن البصري : أنه قال : أربع خصال كنّ في معاوية لو لم
يكن فيه منهنّ إلا واحدة لكانت موبقة ، انتزاؤهُ على هذه الامة بالسفهاء حتى
ابتزها أمرها بغير مشورة منهم ، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ، واستخلافه ابنه
بعده سكيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير ، وادعاؤهُ زياداً وقد قال رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وقتله حجراً ، ويلاً له
من حجر وأصحاب حجر ، مرتين . )) انظر تاريخ الطبري ج4 ص208 ، الكاٍٍٍٍٍٍٍمل في
التاريخ لابن الاثير ج3 ص487 ، المنتظم لابن الجوزي ج5 ص243 ،النجوم الزاهرة لابن
تغري بردي ج1 ص185 كلهم في حوادث سنة 51 للهجرة ، تاريخ أبي الفداء المسمى
بالمختصر في أخبار البشر ج1 ص259 فصل : استلحاق معاوية زيادا ، تاريخ ابن الوردي
ج1 ص160 حوادث سنة 45، البداية والنهاية ج8 ص139 نقله بالمعنى ، خزانة الأدب ج6
ص51
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني :
(( قال ابو داود : وكان عبد الرزاق يعرِّض بمعاوية . )) كما في
تهذيب التهذيب ج2 ص574
وقال الذهبي :
(( العقيلي : حدثني أحمد بن زكير الحضرمي ، حدثنا محمد بن إسحاق
بن يزيد البصري ، سمعت مخلدا الشعيري يقول : كنت عند عبد الرزاق فذكر رجل معاوية ،
فقال : لا تقذر مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان . )) كما في ميزان الاعتدال ج2 ص610
بترجمة عبد الرزاق وعبد الرزاق الصنعاني هو من كبار العلماء ومن رجال الستة (
البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه )
قال الحافظ ابن حجر:
(( قال محمد بن إسماعيل الفزاري : بلغني ونحنُ بصنعاء ان أحمد (بن
حنبل) ويحيى (بن معين) تركا حديث عبد الرزاق ، فدخلنا غَمٌّ شديد ، فوافيت ابن
معين في الموسم فذكرتُ لهُ . فقال : يا أبا صالح لو ارتد عبد الرزاق ما تركنا
حديثه . )) كما في تهذيب التهذيب ج2 ص574 بترجمة عبد الرزاق
ـ وقال ايضا :
(( وقال يعقوب بن شيبة ، عن علي بن المديني : قال لي هشام بن يوسف
: كان عبد الرزاق أعلمنا واحفظنا . قال يعقوب : وكلاهما ثقة ثبت . )) تهذيب
التهذيب ج2 ص573
لا زلنا أيها الأفاضل مع بيان الشبهة الرابعة من
رسالة الحشوي والتي كانت تدور حول موضوع الصحابة ورميه السادة الإباضية بسب
الصحابة وقلنا أن مرادهم بهذا التشنيع أن يشوهوا سيرة المذهب الإباضي ودفاعهم عن
الصحابة إنما هو دفاع عن الطلقاء ومعاوية الطليق الذي ذمه رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقد ذكرنا في الحلقات الماضية الصحبة في الشرع واللغة والعرف وعرجنا على نصوص
علماء السادة الإباضية في حب الصحابة وذكرنا أحديث تثبت انحراف معاوية وذكرنا بعضا
من نصوص علماء أهل السنة في ذم معاوية وها نحن نتمم ما بدأنا ومع بقية النصوص:
هذا الحافظ جرير بن عبد الحميد كان يطعن في معاوية :
ـ قال ابن حجر العسقلاني :
(( وقال الخليلي في الارشاد : ثقة متفق عليه . وقال قتيبة : حدثنا
جرير الحافظ المقدّم ، لكني سمعته يشتم معاوية علانية . )) تهذيب التهذيب ج1 ص298
بترجمته.
.ـ ترجمة جرير :
ثقة عادل من رجال الستة ( البخاري ومسلم والترمذي
والنسائي وأبو داود وابن ماجه )
قال ابن حجر العسقلاني :
(( قال محمد بن سعد : كان ثقة يرحل إليه ، وقال ابن عمار الموصلي
: حجة ، كانت كتبه صحاحا .
وقال أبو القاسم اللالكائي : مجمع على ثقته ، وقال
أبو أحمد الحاكم : هو عندهم ثقة .
وقال الخليلي في الارشاد : ثقة متفق عليه .
وقال ابن حبان : كان من العباد الخشن . وقال علي بن
المديني : كان جرير صاحب ليل
وثقه ابن حجر والعجلي وأبو حاتم والنسائي وغيرهم .
وقال ابن خراش : صدوق . )) تهذيب التهذيب ج1 ص297-298
وكذلك الحافظ الفضل بن دكين كان ينال من معاوية :قال
الحافظ الذهبي :
(( أبو أحمد الحاكم : حدثنا الحسين الغازي قال : سألت البخاري عن
أبي غسان قال : وعماذا تسأل ؟ قلت : التشيع ، فقال : هو على مذهب أهل بلده ، ولو
رأيتم عبيد الله بن موسى ، وأبا نعيم ، وجماعة مشايخنا الكوفيين ، لما سألتمونا عن
أبي غسان .
قلت ( الذهبي ) : وقد كان أبونعيم وعبيد الله ،
معظّمين لأبي بكر وعمر ، وإنما كانا ينالان من معاوية وذويه ، رضي الله عن جميع
الصحابة . )) سير أعلام النبلاء ج10 ص432 بترجمة أبو غسان مالك بن إسماعيل بن درهم
ـ ترجمة أبو نعيم الفضل بن دكين :
هو الثقة العدل الحافظ من رجال الستة ( البخاري
ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه )
قال الذهبي :
(( أبو نعيم الفضل بن دكين الحافظ الكبير شيخ الاسلام ... )) سير
أعلام النبلاء ج1 ص142 بترجمته.
وهذا سليمان بن مهران الأعمش يطعن في معاوية :
روى البلاذري في أنساب الأشراف بسند صحيح قال :
(( وحدثني عبد الله بن صالح العجلي عن عبيد الله بن موسى قال ذكر
معاوية عند الأعمش فقالوا : كان حليما ، فقال الأعمش : كيف يكون حليما وقد قاتل
عليا وطلب – زعم – بدم عثمان من لم يقتله ، وما هو ودم عثمان ، وغيره كان أولى
بعثمان منه .
وحدثت عن شريك عن الأعمش أنه قال : كيف يُعَدُّ
معاوية حليما وقد قاتل علي بن أبي طالب . )) أنساب الأشراف ج5 ص137
ترجمة الأعمش :
قال الذهبي :
(( الأعمش سليمان بن مهران ، الإمام ، شيخ الإسلام ، شيخ المقرئين
والمحدثين أبو محمد الأسدي الكاهلي مولاهم الكوفي الحافظ ... )) كما في سير أعلام
النبلاء ج6 ص226 رقم110
وقال الحافظ ابن حجر :
(( وقال ابن المديني : حفظ العلم على أمة محمد (صلى الله عليه
وسلم) ستة : عمرو بن دينار بمكة ، والزهري بالمدينة وأبو إسحاق السبيعي والأعمش
بالكوفة وقتادة ويحيى بن اأي كثير بالبصرة . )) تهذيب التهذيب ج2 ص106 بترجمته.
ولو تأملنا جيدا أن هؤلاء من غير السادة الإباضية
فلماذا التشنيع علينا بذلك؟ سبحان الله كيف يكيلون بمكيالين ويلعبون على الحبلين.