ولد
الشيخ علي يحيى معمر بمدينة نالوت بليبيا ، من عائلة متوسطة الحال ، متدينة
ومحافظة .
كانت
أسرته تسكن قرية « تكويت » إحدى قرى ضواحي نالوت ، وعندما تأهل للدراسة أدخله
والده كتاب القرية الذي كان يشرف عليه الشيخ العزابي عبدالله بن مسعود الكباوي
، فأخذ مبادئ القراءة والكتابة ، وحفظ قسطا من القرآن الكريم .ثم التحق بالمدرسة
الابتدائية التي فتحتها الحكومة الإيطالية .
وسرعان
ما ظهر نبوغه ، وتجلت مواهبه بين زملائه ، مما لفت إليه نظر أستاذه الشيخ عيسى
بن يحيى الباروني الكباوي ، وصادف أن استقدمت ليبيا عالما من علماء جربة ليدرس
الفقه الإباضي وجملة من العلوم الشرعية ؛ هو الشيخ رمضان بن يحيى الليني الجربي
، فانضم إلى حلقاته ولازمه في أوقات فراغه .
وفي
سنة 1927م رجع الشيخ الليني إلى جربة ، فلحقه تلميذه الطموح والتحق بحلقاته ، ثم
انتقل بعد ذلك إلى صفوف جامع الزيتونة العامر .
وفي
سنة 1937م غادر تونس ميمما وجهه شطر معهد الحياة بالقرارة بوادي ميزاب في
الجزائر ، وبه حط الترحال في طلب العلم ، وأقام سبع سنوات تتلمذ خلالَها على مشايخ
منهم : الشيخ إبراهيم بيوض ، والشيخ شريفي سعيد .
آنس
منه أساتذته الكفاية العلمية ، فأسندوا إليه مهمة التدريس بالمعهد ، فكان طالبا
ومدرسا في آن واحد ، مما ساعده على التوسع في البحث والاستزادة من المعرفة .
أما
نشاطه الثقافي فبرز بتونس ، ففي إحدى العطل الصيفية قصد جربة ، وكون بها جمعية من
زملائه الطلبة ، تتولى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وفي القرارة برز نشاطه
في التوجيه والإرشاد .
كان
ينشر مقالاته الدينية والأدبية والاجتماعية والتاريخية بمختلف الجرائد والمجلات
منها :
1. مجلة
الشباب
: يصدرها طلبة معهد الحياة بالقرارة .
2. مجلة
المسلمون
: يصدرها المركز الإسلامي بجنيف .
3. مجلة
الأزهر
: يصدرها مجمع البحوث الإسلامية بأزهر القاهرة .
4. الأسبوع
السياسي ، والمعلم : تصدران بطرابلس الغرب في ليبيا .
5. الرسالة
: يصدرها حسن أحمد الزيات بالقاهرة .
بذل
جهودا معتبرة في تأسيس عدة مؤسسات تربوية ، فأثمرت جهوده :
1. مدرسة
ابتدائية في جادو .
2. معهدا
للمعلمين سماه « معهد الشيخ إسماعيل الجيطالي للمعلمين ».
3. مدرسة
الفتح بطرابلس ، تديرها جمعية الفتح .
ولقد
تدرج في أروقة التعليم من مدرس ، إلى مدير مدرسة ، إلى موجه تربوي ( مفتش ) ، إلى
موظف سام بأمانة التربية والتعليم بالوزارة ، وبقي فيها إلى حين وفاته .
أما
في المجال السياسي فيتمثل في التحاقه أول الأمر – بعد رجوعه من ليبيا – في
الانتساب إلى الحزب الوطني ، لكن سرعان ما تخلى عنه ، لما تحقق أنه لا فائدة ترجى
من هذه الأحزاب ، فاعتزل السياية كلية .
كان
الشيخ علي يحيى معمر ولوعا بالأدب ؛ شعره ونثره ، قديمه وحديثه ، وامتاز بأسلوب
رصين وأدب رفيع ، فسبك أشعارا رقيقة ، وحبك مقالات فائقة ، وأبدع مسرحيات هادفة .
وزبدة
إنتاجه مؤلفات في التاريخ والفكر الإسلامي ، أشهرها كتاب « الإباضية بين الفرق
الإسلامية » الذي أطبقت الآفاق شهرته ، وأصبح النموذج الأمثل لروحه الإسلامية
، ودعوته الحكيمة إلى توحيد المسلمين .
وجملة
تآليفه التي عرفت :
` أولا :
الكتب :
1. «الإباضية
في موكب التاريخ» في أربع حلقات (مط) :
الحلقة
الأولى : نشأة المذهب الإباضي .
الحلقة
الثانية : الإباضية في ليبيا .
الحلقة
الثالثة : الإباضية في تونس .
الحلقة
الرابعة : الإباضية في الجزائر .
2. «الإباضية بين الفرق الإسلامية» طبع عدة مرات .
3. «سمر أسرة مسلمة» طبع عدة مرات ، آخرها نشر جمعية التراث ؛
بتحقيق محمد بابا عمي .
4. «الميثاق الغليظ» .
5. «الفتاة الليبية ومشاكل الحياة» (مط) ، وطبع كذلك تحت عنوان
«الفتاة المسلمة ومشاكل الحياة» بتحقيق أحمد كروم .
6. «الأقانيم الثلاثة أو آلهة من الحلوى» (مط) .
7. «الإسلام والقيم الإنسانية» .
8. «فلسطين بين المهاجرين والأنصار» .
`
ثانيا : الرسائل :
1. «أجوبة
وفتاوى» (مط) .
2. «صلاة
الجمعة» (مط) .
3. «أحكام السفر في الإسلام» (مط) .
4. «مسلم لكنه يحلق ويدخن» ألفه بالاشتراك مع الشيخ بيوض (مط)
.
5. «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (مخ) .
6. «الحقوق في الأموال» (مخ) .
`
ثالثا : البحوث :
1. مناقشة
للشيخ خليل المزوغي (مخ) .
2. بحث
قيم حول أجوبة أبي يعقوب يوسف بن خلفون .
3. بحث
حول الإباضية قدمه إلى موسوعة الحضارة العربية .
`
رابعا : التعاليق والمقدمات :
1. «تعليق
على كتاب الصوم» لأبي زكرياء الجناوني (مط) .
2. «تعليق
على كتاب النكاح» لأبي زكرياء الجناوني (مط) .
3. «مقدمة
لكتاب سير مشايخ نفوسة» الذي حققه تلميذه الدكتور عمرو خليفة النامي .
`
خامسا : المسرحيات :
1. مسرحية
«ذي قار» السياسية .
2. مسرحية
«محسن» .
أما
مقالاته فمنها المنشور ومنها غير المنشور ، لو جمعت لكانت مجلدات .
وقد
ابتلي في أواخر حياته بعدة مصائب ، منها : المضايقات السياسية ، وسجن أبنائه ،
والعلل المتنوعة مثل ضيق التنفس وضغط الدم وعسر الهضم ، وعدم المعين ، وقلة ذات
اليد ... فمضى إلى ربه شهيدا في ميدان العلم والدين الحنيف ، تاركا للأمة
الإسلامية نموذجا حيا للعالم المسلم ، والمجاهد المخلص ، والمؤلف الصادق .
رثاه شعراء عديدون ، وسجل مآثره خطباء بارزون .
بقلم / الدكتور محمد
ناصر بو حجام
0 التعليقات:
إرسال تعليق